القائمة الرئيسية

الصفحات

مقدمة عامة لرسالة ماجستير بعنوان المحاسبة القضائية ودورها في الحد من الفساد المالي في في العراق

 

الفصل الأول

مقدمة عامة

1.2 عرض الموضوع

بات التقدم التكنولوجي فى منظمات الأعمال سريعاً وملحوظاً، أدى إلى توسع نطاق كافة الأعمال وزيادة في عدد الشركات وحجم المعاملات، واستدعى مواكبة سريعة من قبل الإدارات سواء في القطاع الخاص أو العام من أجل تطوير الأساليب المعتمدة بما يتوافق مع التقنيات الحديثة. وبالرغم  من أهمية هذه  التطورات وأثرها الإيجابي على كافة الأصعدة، غير أنها ساهمت بشكل أو بآخر في حدوث مشاكل عديدة نتجت عن توسع شبكة المعاملات وتشابكها وتشعبها، مما زاد من حدوث الأخطاء من جهة، والتلاعب والاحتيال من جهة أخرى، ووصلت الأمور إلى انهيار عدد من الشركات العالمية الكبرى. 

مرت منظمات الأعمال بالعديد من التغيّرات المتتالية فهي حالياً تعيش في عصر الاقتصاد القائم على المعرفة. ولكن عالم اليوم تنتشر فيه  قضايا الفساد المالي والتقاضي التي تحدث باستمرار كنتيجة مباشرة للعائدات غير المشروعة وعمليات الاحتيال واسعة النطاق.

وزاد من حجم المشكلة تورط عدد من شركات المحاسبة والمراجعة في فضائح مالية، كالدور الذي لعبته شركة آرثر أندرسن في التستر على هذه الحوادث، والذي أدى إلى انخفاض الثقة في التقارير المالية وكذلك في تقارير المراجعين الخارجيين. كما أن الانهيارات المالية المتعددة التي حدثت في العديد من الشركات الكبرى في جميع أنحاء العالم منذ عام 2002 م، والانهيار اللاحق للعديد من البنوك في الأزمة المالية العالمية التي حدثت في عام 2007م. ساهم في زيادة المشاكل المرتبطة بالشأن المالي والمحاسبي.

في العقود السابقة للقرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، واجه المجتمع الدولي صعوبة كبيرة نتيجة سلسلة من الأزمات المالية التي حدثت واحدة تلو الأخرى. وكان لهذه الأزمات أثر سلبي على اقتصاديات تلك الدول التي كانت خبيرة في مجال المحاسبة والمراجعة. نتيجة لذلك، واجهت الدول النامية هذه الصعوبات بشكل كبير مما كان له تأثير سلبي على اقتصاد الأمة بأكملها. 

لا يحاول الباحثون في الأدبيات المحاسبية فقط تطوير حلول للأزمات المالية المتعددة، بل أيضًا تطوير سيناريوهات مستهدفة للحد من المشاكل المحتملة، وكذلك محاولة تطوير مهنة المحاسبة والمراجعة.

تتغلغل مسألة المخالفات المالية في كل جانب من جوانب العمليات داخل الشركات وفي جميع أنحاء الدولة. إذا كان هناك فساد إداري، أو فساد تنظيمي، أو فساد أخلاقي، أو فساد سياسي، فلا بد من وجود فساد مالي. وتتأثر درجة وجود الفساد المالي بطبيعة الظروف المحيطة بالشركات، مثل ما إذا كانت الشركات قد تمت خصخصتها أم لا، وما إذا كانت هناك عولمة في البيئة الدولية أم لا، أو ما إذا كان هناك تضخم أم لا. وهناك فرق بين الفساد المالي والفشل المالي، حيث ينتج الفساد المالي عن فساد النفوس والتلاعب بالسجلات المالية، بينما الفشل المالي فأسبابه ظروف خارجة عن إرادة موظفي الشركة ولكن هو فشل في التصرف وفي التعامل مع تلك الظروف.


إن عدم فاعلية آليات المحاسبة والمراجعة في التعرف على حالات الفساد المالي في الشركات وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية أدى إلى الأزمة المالية العالمية. وعند البحث عن أسباب تلك الانهيارات، تطلب الأمر الاستعانة بخبرات فنية عبر اللجوء إلى محاسبين لمساعدتهم في إثبات الحقائق وفك رموز الأرقام التي تعرض عليهم، وبالتالي الوصول إلى قناعة معينة تمكنهم من إصدار حكم مناسب وعادل. ولأن وقائع هذه الخلافات تتعلق بأمور فنية محاسبية متخصصة تتجاوز إمكانيات وقدرات القضاة، صرح القانون لهم باللجوء إلى محاسب خبير.


تعد المحاسبة القضائية واحدة من أحدث التطورات في عالم النظرية والممارسة المحاسبية، وهي أداة مهمة في مكافحة الاحتيال والأشكال الأخرى من المخالفات المالية. من هذا المنطلق يظهر الغرض من هذه الدراسة وهو مناقشة المحاسبة القضائية وتأسيسها من جانب نظري، وكذلك التعرف على جوانب تطبيقاتها في الممارسة العملية، ودعم أساليبها وآلياتها للحد من ممارسات الفساد المالي من خلال تطبيقها على بيئة العراق. 

هذه محاولة من الباحثة لسد بعض الثغرات في الفكر المحاسبي التقليدي بشكل عام والفكر الخاص فيما يتعلق بالمحاسبة القضائية. مع تخصيص دور المحاسب العراقي. 

وخلاصة القول أن التطورات التكنولوجية والنمو الكبير لقطاع الأعمال  زاد من العلاقات والمعاملات ووسع من شبكات التواصل مما انعكس على القطاعين الخاص والعام، فحدث فشل في الإدارة أو غياب للرقابة  مما دفع إلى المزيد من الفساد المالي.هذا كله ساعد على ظهور الحاجة إلى المحاسبة القضائية للمساعدة على حل النزاعات المالية. ولذلك حظيت المحاسبة القضائية بقدر كبير من الاهتمام. 

ونتيجة لمساهمات العلماء وكذلك غالبية الهيئات والمنظمات المهنية في جميع أنحاء العالم، فقد تطورت المحاسبة القضائية إلى مجال أساسي من الخبرة المحاسبية، سواء في تحديد الطرق المناسبة لقياس وعرض وتوضيح عناصر البيانات المالية والتقارير، أو لأثر العمليات والأحداث والظروف المحيطة على المركز المالي للمنشأة ولنتائج عملها. 


تساهم المحاسبة القضائية بشكل خاص في توفير الأساس العلمي لخبراء المنازعات القضائية التجارية يمكن الرجوع إليه في الفصل في الدعاوى المرفوعة إليهم بشكل يسهم في توعية القضاء ومساعدته على إثبات الحقيقة وتحقيق العدالة، وطمأنة المساهمين والمستثمرين والمستخدمين للقوائم المالية على صحة ونزاهة التقارير والبيانات المالية المتنازع عليها

تعليقات